صحة و أسرة
قصيدة الكوليرا نازك الملائكة
قصيدة الكوليرا نازك الملائكة واصفة حال مصر إثر إصابتها بالوباء
قصيدة الكوليرا نازك الملائكة
أشهر قصيدة خرجت عن نطاق الشعر العربي، قصيدة كتبها التاريخ بأحرف من ذهب
نازك الملائكة تنظم قصيدة الكوليرا فتتميز بها
و تجعل منها إضافة فريدة للشعر العربي.
عام 1947 تنظم نازك قصيدة تخرج فيها عن المألوف تحذو فيها حذو يدر شاكر السياب
وعبد الوهاب البياتي.
تصف فيها حل مصر حين تعرضها لوباء الكوليرا واصفحة المعاناة التي حلّت بها
إنها لإضافة بارزة في للغة العربية عامة و للشعر العربي خاصة
قصيدة الكوليرا نازك الملائكة
تنظم قائلة:
سكَن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
فى عُمْق الظلمةِ، تحتَ الصمتِ، على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو، تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ، يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
فى كل فؤادٍ غليانُ
فى الكوخِ الساكنِ أحزانُ
فى كل مكانٍ روحٌ تصرخُ فى الظُلُماتْ
فى كلِّ مكانٍ يبكى صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ
طَلَع الفجرُ
أصغِ إلى وَقْع خُطَى الماشينْ
فى صمتِ الفجْر، أصِخْ، انظُرْ ركبَ الباكين
عشرةُ أمواتٍ، عشرونا
لا تُحْصِ أصِخْ للباكينا
اسمعْ صوتَ الطِّفْل المسكين
مَوْتَى، مَوْتَى، ضاعَ العددُ
مَوْتَى، موتَى، لم يَبْقَ غَدُ
فى كلِّ مكانٍ جَسَدٌ يندُبُه محزونْ
لا لحظَةَ إخلادٍ لا صَمْتْ
هذا ما فعلتْ كفُّ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
تشكو البشريّةُ تشكو ما يرتكبُ الموتْ
الكوليرا
فى كَهْفِ الرُّعْب مع الأشلاءْ
فى صمْت الأبدِ القاسى حيثُ الموتُ دواءْ
استيقظَ داءُ الكوليرا
حقْدًا يتدفّقُ موْتورا
هبطَ الوادى المرِحَ الوُضّاءْ
يصرخُ مضطربًا مجنونا
لا يسمَعُ صوتَ الباكينا
فى كلِّ مكانٍ خلَّفَ مخلبُهُ أصداءْ
فى كوخ الفلاّحة فى البيتْ
لا شىءَ سوى صرَخات الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
فى شخص الكوليرا القاسى ينتقمُ الموتْ
الصمتُ مريرْ
لا شيءَ سوى رجْعِ التكبيرْ
حتّى حَفّارُ القبر ثَوَى لم يبقَ نَصِيرْ
الجامعُ ماتَ مؤذّنُهُ
الميّتُ من سيؤبّنُهُ
لم يبقَ سوى نوْحٍ وزفيرْ
الطفلُ بلا أمٍّ وأبِ
يبكى من قلبٍ ملتهِبِ
وغدًا لا شكَّ سيلقفُهُ الداءُ الشرّيرْ
يا شبَحَ الهيْضة ما أبقيتْ
لا شيءَ سوى أحزانِ الموتْ
الموتُ، الموتُ، الموتْ
يا مصرُ شعورى مزَّقَهُ ما فعلَ الموتْ